• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

عرض كتاب " العودة إلى الروح "؛ للدكتور: محمد علي يوسف

عرض كتاب  العودة إلى الروح ؛ للدكتور: محمد علي يوسف
أ. محمود توفيق حسين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/4/2013 ميلادي - 30/5/1434 هجري

الزيارات: 26918

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرض كتاب "العودة إلى الروح"؛ للدكتور: محمد علي يوسف


الدكتور محمد علي يوسف، له ريشة مغموسة في دواة السكينة، تمتَّعتُ بقراءة عمله الذي يبدو أنه كان يواعِد صفحاته في أوقات الفجر، فتنفَّست الأسطرُ من نفَس الصبح المعطَّر بتسابيح الملائكة في آخر الليل.

 

"العودة إلى الروح"، هذا عنوان كتابه القيِّم؛ ولكن أي روح يقصد؟ إنه يتكلَّم عن القرآن ككتاب قادر على تغييرنا للأفضل، قادر على إحياء مواتنا، وإضاءة دُروبنا، فيقول: "هل تعاملت مع كتاب الله على أنه روح تحتاج إلى أن تبثَّ في قلبك، وتسمو بها نفسك، وتَسري حيويتها في أوصالك، فتمشي بها بين الناس؛ لتكون ممن قال الله فيهم: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ﴾ [الأنعام: 122]؟".

 

من خلال ثلاثين فصلاً، كل فصل مِن الفصول تركَّز في الغالب على قصة من القصص القرآني، عمل الكاتب على سَردِ ما هو معروف جملةً للمسلمين، وهذا تحدٍّ يتَّسم بالصعوبة، من السهل أن تشدَّ انتباه الجمهور بأن تَحكي له ما لا يعرف، أما أن يُخطِّط الكاتب لكسر إحساس القارئ بالاعتياد، فيشعر شعورًا مختلفًا تجاه ما كان يعرف، وتتجدَّد حفاوته به، فهذا ما لا يَقدر عليه كلُّ كاتب.

 

الشعور بـ"معرفة القصة" هو غالبًا شعور مُضلِّل، إذا ما كان القارئ يقف عند خلاصة "الحكاية"، ولم يكن يَلتفِت لما في ثناياها من كشفٍ للطبائع البشرية على اختلافها، التي أولاها الدكتور اهتمامًا واضحًا، للدرجة التي تساعد القارئَ على التوقف والانتباه ومساءلة نفسه عن مكانه لو كان من ضمن هذا المشهد؛ لذا يمكن القول: إن الكاتب اشتغل على تحقيق "المعرفة العميقة"، تلك المعرفة المنتِجة القادرة على تغيير الناس للأفضل، مِن خلال شكل سرديٍّ مُلتزِم وجاذب.

 

هذه المعرفة قد حقَّقها بشروط فنِّ القصة في عدة فصول، بإبحارٍ ساحلي آمِنٍ ووديع، لم يَنجرِف معه السردُ الديني بعيدًا عن شواطئ السند، ولم يعتمد الكاتب على مجداف "التصرُّف"، فيضع في فصوله مفاصلَ سردية مما لا دليل عليه، بل اعتمد في الجملة على رياح "الحقيقة" لتسْيِير عمله؛ إنه يصنع المشهد الديني المؤسَّس على ما ورَد في كتاب الله بعناية وبإحساس عالٍ، وبغير أن تَسحبه نشوة "التفنُّن" إلى فضاءات الاختلاق.

 

ويُمكن النظر لعمله باعتباره مُنجَزًا أدبيًّا من ناحية حسنِ التصوير، وجمال العبارة، والقدرة على الجذب والتأثير، مثلما أن هذا العمل هو في أصله وبُنيانه منتجٌ دعويٌّ رشيد، قائم على الشرح والتعليم، وقد استطاع الكاتب أن يَزنه بين جماليات الخطاب الأدبي وإجماليات الخطاب الدعوي، وغاية القول: إنه لم يكن يعمل على تكييف حالة وجدانية مؤثِّرة يُحلِّق في فضائها القارئُ لتحقيق حالة من السمو الخالي من الاستيعاب والتدبُّر؛ كان معنيًّا في كل فصل وكل فكرة أن يكون مُثمرًا ومُحددًا؛ من خلال عرض جميل باعثٍ على الراحة.

 

وقد اجتاز هذه التجرِبةَ في التأليف بطريقته الهادئة، والعميقة، وبتقسيم يَمنع الشعور بالإنهاك، وبإحساس قويٍّ بالمسؤولية؛ حتى يَجلس إليه قارئه بودٍّ، وثِقة، وتفهُّم، للدرجة التي شعرت معها أنه بأسلوبه الجَميل السَّلِس وإشفاقه على الناس، وبُعدِه عن الحشوِ، وبالْتقاطه الخبيرِ للفوائد - قد مدَّ يده رغم المسافات البعيدة ووضعها على كتف القارئ، لم يكن يُحاصِر قارئه، ولم يَنصِب له شراكًا تختبر قدرته على التركيز، أو تُناقِش حجمَ معلوماته، بل كان يتجوَّل معه بروح مرشدٍ طيب يتَّسم باللطف والاستيعاب.

 

لم يكن الدكتور محمد علي يوسف فقط يتعمَّق في المعاني الثريَّة للقصص القرآني، الذي يتَّضح من الأسلوب طولُ عهده بهذا القصص وعمقُ محبَّتِه له؛ إنما كان يَستشعِر المشهد حدَّ التبصُّر، كان يُميِّزه إحساسٌ عالٍٍ بالمشهَد وبقوة حضور الشخصيات.

 

ففي رسمه للمجاميع على سبيل المثال كان متألِّقًا بوحي مِن تأمُّلاته الطويلة في دنيا الناس، أكاد أجزم بذلك، فهذا الرسم كان له دلالات عميقة على نمط تفكيره وهواجسِه إزاء الجماعات، الجماعات المُترهِّلة المُتكالِبة، التي تُوحي له بالسذاجة المُفرِطة والغوغائية، والغباء المُحكَم، وضعف التبصُّر، فلننظر في سطوره لقلَّة حيلة جماعة اليهود في التِّيه، وقد رسم التغيرات الكبيرة التي طرأتْ في تلك المدة الطويلة عليهم، التي حوَّلت شبابَهم إلى شيوخ، وأطفالَهم إلى شباب: "وكذلك للقوم الذين مسخَهم الله قِرَدة، أين وجوههم البيضاء الوسيمة؟ وأين بنيَتُهم الصحيحة السليمة؟ وأين ظهورهم الممشوقة المستقيمة؟! كيف تحوَّلت إلى تلك الوجوه المُشعِرة الدميمة، والبنية الشائهة المُنحنية المُنفِّرة الذميمة، ذات الحركة الخفيفة السفيهة؟".

 

ثم نظرة لهؤلاء المتجمِّعين على باب نبي الله لوط يَطلبون ضيوفه: "هُرع الكلُّ إلى بيت لوط، يُمنِّي نفسَه بالفريسة الشهية التي هو مُقبِل عليها، لقد تعالى ضباب الشهوة ليطغى على كل شيء، تعالت الطرَقاتُ المتتابعة على باب لوط، مختلطةً بضحكات ماجنة رقيعة؛ تلك التي يُطلِقها المُخنَّثون وأشباه الرجال، افتح يا لوط، افتح الباب وإلا فسوف نقتحمه"، وقوم نبيِّ الله إبراهيم وهم عاكفون على أصنامهم: "تعالت أصوات الداعين والمبتهلين في هذا الجمع العظيم، الذى اكتظَّ به ذلك الجزء من المدينة البابلية العتيقة، وما بين راكع وساجد ومقبل بقربانه يذبحه، اجتمع أهل تلك المدينة في ذلك المعبدِ العظيم، هذا يبكي ويبتهل لعشتار - ذلك الصنم ذو الرأس الكبيرة والبنيان المهيب - وذاك يمسح بيديه وثيابه على ساقَي مردوخ - ذاك التمثال متقن الصنع، الذى يجسد كبير الآلهة عندهم - وهذا مظلوم جاء إلى "أي" - إله العدل - ليقتص له ممن ظلمه، وتلك المرأة جاءت برضيعها الباكي تستشفى لدى هذا المعبود الحجَريِّ الذى خُصِّص للشفاء، الجميع في شغلهم بمطالبهم وحاجاتهم التي طرحوها وانطرحوا خلفها، طامعين في الإجابة والبركة مِن آلهتهم"، يُمكنني أن أتكلم بثقة عن قلقِه وهواجسِه تجاه الفقر الروحي المُدقِع لمَجاميع العصاة، الذي يَنحدِر بهم لدرك الحيوانية؛ مما جعل سطورَه تُحذِّر بشكل فنيٍّ غير مباشر من الاغترار بالجَماعة، وتحضُّ على تَحصين النفس من أمراضها واعتيادها البليد؛ إنه يحارب التأثير السلبي الذي تَفرضه الجماعة على الفرد بمُسلَّماتها الوهمية المثبِّطة، وهو يصرِّح بذلك في كتابه: "لا يضرُّ المرء إن ضلَّ كلُّ مَن حوله، ما دام على الحق الذى أمره به ربه؛ ﴿ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]؛ تستوقفني طويلاً تلك الآية وما قبلها، يَستوقفني ما بها من بناء متفرِّد للشخصية الإسلامية التي لا يَقبَل صاحبُها أن يكون إمَّعة، مهما كانت الظروف ومهما تزايدت عليه الضغوط".

 

والكاتب يرسم بعناية تلك "الدعة القاتلة"، والشعور المُضلِّل بالاستقرار والرضا، كما لاحظتُ ذلك في قصة قارون - على سبيل المثال -: "برزَتْ مِن خلفِ أستار الهودج الراغد المتمايل الأنيق على ظهر الناقة الكوماء، يدٌ مُثقَلة بالحُلى الماسية والأساور الذهبية المرصَّعة بالدرِّ والجواهر واليواقيت، يدٌ ناعمة، لا تبدو عليها خشونة المعاناة، ولا ترتسم عليها خطوط الكدح، ولا تَشقُّقات السعي والكد والشقاء، يدٌ لم تتعوَّد يومًا عطاءً، ولم تألف بذلاً، إنها يدٌ لم تعتدْ في حياتها إلا الأخذ، ولم تألف إلا ملال التقلب بين فاخرِ المتاع، ولم تَعرف جهدًا إلا في حمل السوط الذى تُلهب به ظهور العبيد والرعاع! مُشعِرة هي، كأيدي الرجال، لكنها رجولة كادَ يُخفيها خلف لمَعان الذهب، ويَحجبها ببريق الجوهر، وفخامة الحجَر الكريم، يَخلب الألباب، ويكاد يخطف الأبصار".

 

وكما اهتمَّ بحماقة الجماعة، اهتمَّ بحماقة الفرد المتكبِّر العنيد؛ كان قادرًا على تتبُّع آفات النفس البشرية التي تنتقل من جيل إلى جيل؛ لتصدَّ البشرية عن نور الحق، هذه السلسلة المُذهِلة للعناد التي تجعل مُكابرًا من القرن الواحد والعشرين يَنتمي بصِلةٍ وثيقة بمُكابر من عهد نبي الله نوح؛ هذا العناد، وهذا الرفض المجنون للأمر الواقع، الذي يدفَع بالإنسان لحالة خصومة غبيةٍ مع الحق وأدلته الساطعة، تَصِل بالمعاند إلى التعجيل بالنهاية، مثلما حدث في قصة الغلام الموحِّد مع الحاكم مُدَّعي الألوهية: "لقد خرج الحلُّ مِن فم الغلام نفسِه قائلاً: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمُرُك به، قال الملك مُندهِشًا مما يحدث: وما هو؟ ردَّ الغلام ضاربًا مثلاً لأروَع معاني الإقدام والفداء: تجمعُ الناسَ في صعيد واحد، وتَصلبني على جذع، ثم خذْ سهمًا مِن كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلتَ ذلك، قتلتَني"، لله درك من مقدام! تَدلُّهم على طريق الخلاص منك! تُهلِك نفسك! ستُفارق الدنيا شابًّا يافعًا، لم تأخذ منها حظك بعد، لم تزل أمامك بمباهِجِها ومتاعها، كيف زهدتَ في كل هذا؟ كيف واجهتَ خوفَك البشري؟ هل الرسالة وحَملُ الحق يفعل ذلك بالمرء؟ كيف تُضحِّي بنفسك، وتجود بها بسخاء هكذا؟! لكنها ليست تضحية مجانية؛ إن المتأمل في سلوكك، يُدرِك بُعدَ نظرِك، وغلوَّ ثمن فدائك، لقد اشترطت شرطًا لو أن هذا الأحمق فكَّر هنيهة، بعد ما رأى من كراماتك، وحفظِ الله لك، لما قَبِلَه أبدًا، لكنه الغضب حين يُعمي الأبصار، والكِبر حين يَطمس البصائر، هيا أيها الملِك الغبيُّ أطِعِ الغلام، واكتُبِ الأسطرَ الأخيرة في رواية تألُّهك، وتعبيد الناس لك، هيا يا ناقص العقل، مهِّدِ الطريق لأمةٍ كاملة تَكفُر بعبادتك، وتوحِّد الله رب الغلام"، وهذه الخصومة مع الحق ورفض أدلته الساطعة، دفعت فرعونَ للانتحار بجيشه: "إن كان موسى قد عبَر، فما يمنعنا من العبور خلفه؟! إنها مجرَّد ظاهرة طبيعية لعلنا فقط لم نسمَع بها من قبل، هيا أيها الجبناء، هأنا أتقدَّمُكم، ولا يرهبني هديرُ الماء، ولا ظلال مُتجوِّل الحيتان، تقدَّمَ الجندُ على مضض حين رأوا قائدهم الأحمق يقتحم تلك المخاضة الراعبة".

 

يرصد الكاتب بريشته تلك اللحظةَ الفارقة التي تُغيِّر فيها قدرةُ الله ومُعجِزاتُه رتابةَ المعهود البشري، كغرق فرعون وجنوده، بأسلوب هادئ غير زاعق، بل ومقتصد جدًّا، إنه يمر على المعجزة الإلهية بعين مؤمن، كان هذا الأسلوب وسيلةً للتعبير عما يَجيش بصدره من إيمان عميق بأن كل شيء هيِّن على الله، هو اختار أن يتفاهم مع الناس بشأن مَشاكلهم وأنماط تفكيرهم، أما قدرة الله، فكانت شيئًا أجلَّ عنده من أن يفصِّلها للناس "فجأة: الْتأم البحر، انطبَق، هكذا وبدون مقدِّمات، عاد البحر لسابق عهده وارتطم جبَلا الماء! غاب الجند في الأعماق، وكتمَت الأمواج صرخاتهم، فلا تُحسُّ منهم من أحد أو تسمع لهم رِكزًا، ﴿ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ﴾ [غافر: 84، 85]، صوت مكتوم مُنفرِد هو المسموع الآن؛ صوت يُغرغِر مُختنقًا بعبرات تَختلط ملوحتها بملح البحر وطميِه الذى يدسُّه جبريل في فمه الفرعوني المنعَّم، ﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 90]"؛ والنار التي لم تؤذِ نبيَّ الله إبراهيم، "فلتُذِب النارُ القيودَ، وليَخرج الخليل، وليمشِ بين الناس لم يُصبْه مسٌّ مِن لهيب!".

 

إن الصياغة الهادئة التي يتميَّز بها الكاتب، التي يتمُّ فيها مثلاً طرح السؤال بعدة أساليب، لا تمثِّل حشوًا؛ إنما هو إيقاع لاستمالة القارئ، شيءٌ يُشبه ترديد الطيور الآمنة، وسيلة صوتية يتسلَّل بها الكاتب لوجدان جمهوره، وأروع ما في الأمر عندما يأتي هذا تقديمًا لتسابيح داود - عليه السلام - الذي كان يؤثِّر في الطير والجبال: "محراب مَن؟! أهو محراب أحد العبَّاد الذين اشتهرت بهم سلالتكم؟ أم هو محراب رجل مِن زُهَّادكم المنقطعين عن الدنيا، المنعزلين في صوامعهم أبدًا؟".

 

كنت مع كتاب يعمل كاتبه على الهمَّة، يَعمل بصبر وتؤدة على حك الصدأ الذي علاها على مرِّ السنين، كتاب يَحتفي بالإرادة الإنسانية من خلال نماذجَ ربانيةٍ مضيئة من الأنبياء والصالحين، وبه حفاوة عميقة بإرادة المخلصين وأفعالهم الإيجابية الحاسمة، هذا من خلال لغةٍ خضراء، ومع فهذا فهو قادر بها على أن يجتاز بقارئه مجازات الشوك والحَصى والدم، وهو كتاب يمكن أن نُسميه باعتباره سجلاً لانتصارات الحق على الباطل، يمكن أن نُسميه: "دفتر يقين"، وهو أيضًا رحلة استكشاف، يبدو فيها الكاتب كالأثريِّ المولَع بفنِّه، فلا يأخذك إلى المتاحف؛ حيث القطع المحفوظة المرقمة، ووسائل الإبهار الصاخبة والمفتعلة، بل يذهب بك عبر سراديب العتمة، ومغاوِر الرهبة، وصمتِ الخَلاء العميق، إلى مناخ القطعة ومَوطنِها الأصيل، إنه يفعل ذلك بالمعنى، لا يضعه بمعزل عن تاريخه الكُلي والأشياء الأخرى المرتبطة؛ إنما يأخذك معه للذهاب إليه، وأنا شخصيًّا أعلن سعادتي بالتجول معه في هذه الجولات الطيبة من خلال هذا الكتاب، الذي يَمتلِك سرَّ استدعاء القارئ لأكثر من قراءة واحدة، من خلال حالة التنبيه التي يُتيحها، بصوت يبعث على يقظة ندية بغير إزعاج.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب (المناهج) للدكتور فؤاد موسى
  • عرض كتاب "تقرير علمي" للدكتور محمد عمارة
  • عرض كتاب: التمويل الإسلامي (مقدمة في النظرية والتطبيق)
  • عرض كتاب (دور أهل الذمة في إقصاء الشريعة الإسلامية)
  • تقديم كتاب " العودة إلى الروح "؛ للدكتور: محمد علي يوسف
  • وطن الراشدين؛ للكاتب: عمرو عبدالعزيز
  • صالح للاستعمال القلبي .. للدكتور محمد علي يوسف
  • كتاب "رسالة الشرك ومظاهره" للأستاذ الشيخ محمد مبارك الميلي: دراسة تحليلية دعوية
  • منهج الإمام أحمد بن حنبل في الاحتساب لمحمد بن فهد الفريح
  • كشف النقاب عما روى الشيخان للأصحاب للحافظ العلائي
  • المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي للسخاوي
  • التعامل الأسري في سيرة المصطفى لعبد الله بن ناصر السدحان
  • إجابة الدعاء، أوقاته - أماكنه - أحواله لعلي بن محمد العمران
  • بذل العسجد لسؤال المسجد للسيوطي تحقيق محمد عبدالقادر

مختارات من الشبكة

  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) للعلامة المصطفوي (كتاب فريد)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • عرض كتاب: صناعة الكتاب المدرسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الأصول في النحو(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الصيام من كتاب العمدة في الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي (600 هـ) (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
13- شكرا
منة - السويس 02-03-2016 04:08 PM

شكرا ولكني أريد عدد الصفحات أيضا

12- إذا كانت هذه المقدمة
إبراهيم الوقفي - مصر 09-05-2013 09:29 PM

ما شاء الله المقدمة جميلة جدا وإذا كانت هذه المقدمة فما بالنا بالكتاب جزى الله مؤلفه خيرا وجزى كاتب المقدمة الذي جعل روحي تهفو لقراءة العودة للروح

11- عرض رائع
عاصم خطاب - مصر 08-05-2013 12:03 PM

جعل الله هذا العرض في موازين حسناتك.

10- بارك الله لك أخي وجيه
محمود توفيق حسين - السعودية 20-04-2013 11:44 AM

وإن شاء الله يكون الكتاب أفيد مما يوحي به تقديمه ، نتمنى لكم قراءة ماتعة لأسطره

9- بارك الله لك الفاضلة أم مروان
محمود توفيق حسين - السعودية 20-04-2013 11:41 AM

الفاضلة أم مروان
بارك الله لك ، وها هو الكتاب أخيرا يطرح في الأسواق .. أرجو أن تتمتعي بقراءته

8- بارك الله لك أخي خالد
محمود توفيق حسين - السعودية 20-04-2013 11:39 AM

بارك الله لك أخي خالد العتيبي .. يتواجد الكتاب قريبا في الخليج العربي

7- ما شاء الله
وجيه طلبة - مصر 19-04-2013 11:46 PM

اذاكان هذا هو العرض فما بالنا بالكتاب نفسه
ما شاء الله ولا قوة إلا بالله

6- عرض قوي
أم مروان - السعودية 19-04-2013 12:32 AM

عرض شديد الجاذبية والقوة لكتاب الدكتور محمد علي يوسف الذي انتظرناه منذ فترة.
الأستاذ محمود ما شاء الله متمكن جدا في موضوع عرض الكتب

5- مقال جميل جدا
خالد العتيبي - السعوديه 18-04-2013 07:18 PM

مقال جميل جدا يغري بقراءة الكتاب

4- بارك الله فيك أخي كمال
محمود توفيق حسين - السعودية 18-04-2013 04:01 PM

بارك الله فيك أخي كمال ، ووفقك لما يحب ويرضى ، وإن شاء الله تقرأ الكتاب قريبا ، وهو سيوزع في الدول العربية بعد شهر تقريبا

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب